جملة: فأحسن صوركم يراد بها الإشارة إلى المظهر الخارجي والمحتوى الداخلي على حد سواء. وأن التأمل في خلق الإنسان وصورته، يظهر مدى القدرة التي خلق بها البارئ هذا المخلوق الرائع، الذي امتاز على كل ما سواه من المخلوقات.
ولأن الإنسان خلق لهدف سام عظيم، فعليه أن يكون دائما تحت إرادة البارئ وضمن طاعته، فإنه يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور.
تجسد هذه الآية علم الله اللامتناهي في ثلاثة مستويات: علمه بكل المخلوقات، وما في السماوات والأرض.
ثم علمه بأعمال الإنسان كافة، سواء أضمرها أو أظهرها.
والثالث علمه بنية الإنسان وعقائده الداخلية التي تحكم قلب الإنسان وروحه.
ولا شك أن معرفة الإنسان بهذا العلم الإلهي ستترك عليه آثارا تربوية كثيرة، وتحذره بأن جميع تحركاته وسكناته وكل تصرفاته ونياته، وفي أي مكان كانت، إنما هي في علم الله وتحت نظره تبارك وتعالى. ومما لا شك فيه أن ذلك سيهئ الإنسان للحركة نحو الرقي والتكامل.
ثم يلفت القرآن الكريم الانتباه إلى أهم عامل في تربية الإنسان وتعليمه، وهو الإتعاظ بمصارع القرون وما جرى على الأقوام السالفة حيث يقول: ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم.
ألم تمروا على مدنهم المهدمة وآثارهم المدمرة في طريقكم إلى الشام والأماكن الأخرى، فتروا بام أعينكم نتيجة كفرهم وظلمهم. اقرأوا أخبارهم في التاريخ، بعضهم أخذته العواصف، وآخرون أتى عليهم الطوفان، وكان هذا عذابهم في الدنيا وفي الآخرة لهم عذاب أشد.