نعم، بالتدريج ينقص أحد الوقتين (الليل والنهار) ليضيف للآخر، وتبعا لذلك يتغير طول النهار والليل في السنة، وهذا التغير يكون مصحوبا بالفصول الأربعة في السنة مع كل البركات التي تكون مختصة في هذه الفصول لبني الإنسان.
وهناك تفسير آخر لهذه الآية وهو: إن شروق وغروب الشمس لن يحدثا فجأة ودون مقدمات حتى لا تجلب هذه الحالة المشاكل للإنسان والموجودات الحية الأخرى، بل يتم هذا التغيير بصورة تدريجية، وتنتقل الموجودات رويدا رويدا من عالم الضوء في النهار إلى ظلمة الليل، ومن ظلمة الليل إلى ضوء النهار، ويعلن كل منهما وصولهما قبل مدة حتى يتهيأ الجميع لذلك.
والجمع بين التفسيرين لمفهوم الآية ممكن أيضا.
ويضيف سبحانه في النهاية: وهو عليم بذات الصدور.
فكما أن أشعة الشمس الباعثة للحياة تنفذ في أعماق ظلمات الليل، وتضئ كل مكان، فإن الله عز وجل ينفذ كذلك في كل زوايا قلب وروح الإنسان، ويطلع على كل أسراره.
والنقطة الجديرة بالملاحظة في الآيات السابقة أن الحديث كان عن علم الله سبحانه بأعمالنا والله بصير عليم وهنا الكلام عن علم الله عز وجل بأفكارنا وعقائدنا وما تكنه صدورنا، وهو عليم بذات الصدور.
كلمة (ذات) في الاصطلاح الفلسفي تعني (عين الشئ وحقيقته) إلا أنها في اللغة بمعنى (صاحب الشئ) وبناء على هذا فإن (ذات الصدور) إشارة إلى النيات والاعتقادات التي استولت على قلوب البشر.
وكم هو رائع أن يؤمن الإنسان بكل هذه الصفات الإلهية من أعماق نفسه، ويحس حضوره سبحانه في كل أعماله ونياته وعقائده، إحساسا لا يخرجه عن جادة الطاعة وطريق العبودية، إحساسا يبعده عن طريق العصيان والسوء والانحراف..
* * *