لقد ذكرت مسألة الخلقة في (ستة أيام) سبع مرات في القرآن الكريم، المرة الأولى في الآية 54 من سورة الأعراف، والأخيرة هي هذه الآية مورد البحث (الحديد - الآية 4).
وكما قلنا سابقا فإن المقصود من (اليوم) في هذه الآيات ليس المعنى المتعارف (لليوم)، بل المقصود هو (الزمان) سواء كان هذا الزمان قصيرا أو طويلا حتى لو بلغ ملايين السنين، وهذا التعبير يستعمل أيضا في لغة العرب واللغات المختلفة، كما يقال مثلا: اليوم يحكم فلان، وغدا سيكون لغيره، بمعنى الدورة الزمنية.
وقد بينا هذا المعنى مع شرح وأمثلة في نهاية الآية 54 من سورة الأعراف.
وطبيعي أنه لا يوجد أي مانع لله عز وجل من خلق جميع العالم في لحظة واحدة، ولكن في هذه الحالة سوف لا تتجلى عظمة الله وقدرته وعلمه بشكل جيد، وبعكس عظمة وقدرة وعلم الله بصورة أقل، ذلك خلق هذه العوالم خلال ملياردات السنين وفي أزمنة وحالات مختلفة ووفقا لبرامج منظمة ومحسوبة سيدلل أكثر على قدرته وحكمته، بالإضافة إلى أن التدرج في الخلق سيكون نموذجا للسير التكاملي للإنسان، وعدم السرعة والاستعجال في الوصول إلى الأهداف المختلفة.
ثم تتطرق الآيات إلى مسألة الحكومة وتدبير العالم حيث يقول سبحانه:
ثم استوى على العرش.
إن زمام حكومة وتدبير العالم كانت دائما بيده ولا زالت، وبدون شك فإن الله تعالى ليس جسما، ولذا فليس معنى " العرش " هنا هو عرش السلطة، والتعبير كناية لطيفة عن الحاكمية المطلقة لله سبحانه ونفوذ تدبيره في عالم الوجود.
" عرش " في اللغة بمعنى الشئ المسقوف، وتطلق أحيانا للسقف نفسه، ويعني أيضا التخوت العالية (عرش السلاطين).