الحسد والبغضاء في بعض النفوس الضعيفة فيسعون ضدهم عند السلطان ويظهرونهم كمجموعة أجنبية تحاول العبث بأمن البلد ونظامه، فحاول يعقوب (عليه السلام) أن يجنبهم بنصيحته عن هذه المشاكل.
وأخيرا حاول بعض المفسرين تأويل الآية بمعنى قد يعد ذوقيا... قال: إن يعقوب بنصيحته تلك أراد أن يعلم أولاده دستورا اجتماعيا هاما، وهو أن على الإنسان أن يبحث عن ضالته بطرق عديدة وسبل شتى بحيث لو سد طريق بوجهه لكان بمقدوره البحث عنها من طرق أخرى حيث سيكون النصر حليفه في النهاية، أما إذا حاول الوصول إلى هدفه بانتهاجه طريقا واحدا فقط، فقد يصطدم في أول الطريق بعائق يمنعه عن الوصول فعند ذاك يستولي عليه اليأس ويترك السعي إليه.
واصل الاخوة سيرهم نحو مصر، وبعد أن قطعوا مسافة طويلة وشاسعة بين كنعان ومصر دخلوا الأراضي المصرية، وعند ذاك ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شئ فهم برغم تفرقهم إلى جماعات صغيرة - طبقا لما وصاهم به أبوهم - فإن الفائدة والثمرة الوحيدة التي ترتبت على تلك النصيحة ليس (إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) وهذه إشارة إلى أن أثرها لم يكن سوى الهدوء والطمأنينة التي استولت على قلب الأب الحنون الذي بعد عنه أولاده، وبقي ذهنه وفكره مشغولا بهم وبسلامتهم وخائفا عليهم من كيد الحاسدين وشرور الطامعين، فما كان يتسلى به في تلك الأيام لم يكن سوى يقينه القلبي بأن أولاده سوف يعملون بنصيحته.
ثم يستمر القرآن في مدح يعقوب ووصفه بقوله: وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون وهذه إشارة إلى أن كثيرا من الناس يتيهون في الأسباب وينسون قدرة الله سبحانه وتعالى ويتصورون أن ما يصيب الإنسان من الشرور إنما هو من الآثار الملازمة لبعض العيون فيتوسلون بغير الله سبحانه