والشئ الذي يكمل هذه النعم الكبيرة واللا متناهية والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار فهذه السلامة جاءت بعد ما صبرتم على الشدائد وتحملتم المسؤوليات الجسام والمصائب، ولكم هنا كامل الطمأنينة والأمان، فلا حرب ولا نزاع، وكل شئ يبتسم لكم، والراحة الخالية من المتاعب - هنا - معدة لكم.
* * * 2 بحوث 3 1 - لماذا ذكر الصبر فقط؟
جملة سلام عليكم بما صبرتم تشير إلى مسألة الصبر فقط، في الوقت الذي نرى فيه الآيات السابقة أشارت إلى ثمانية صفات لاولي الألباب، فما هو السر في ذلك؟
للإجابة على هذا الاستفهام نورد ما جاء عن الإمام علي (عليه السلام) في حديث قيم وذي مغزى كبير، حيث قال: " إن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس معه، ولا في إيمان لا صبر معه ".
في الحقيقة إن كل الأفعال الحية والصفات الحميدة للأفراد والمجتمعات تستند إلى الصبر والاستقامة، وبدونها لا يمكن أن نحصل على أي شئ من هذه الصفات، لأن في مسيرة عمل الخير عقبات وموانع لا يمكن أن ننتصر عليها إلا بالاستقامة، فلا الوفاء بالعهد يمكن تنفيذه بدون الصبر والاستقامة ولا الصلات الإلهية، ولا الخوف من الله، ولا إقامة الصلاة ولا الإنفاق يمكن بلوغها بغير الصبر والاستقامة.