ويحرر مجاميع أخرى من قيود المتسلطين.
والآن يجب أن يصل إلى ذروة عبوديته لله ويبذل كل ما عنده في هذا الطريق بإخلاص، ويصل إلى مرحلة الإمامة بقفزة روحية كبيرة من خلال الامتحانات الإلهية الكثيرة، وفي نفس الوقت يقوم ببناء القواعد للكعبة حتى تكون أكبر قاعدة للعبادة التوحيدية، ويدعو جميع المؤمنين لهذا المؤتمر العظيم إلى جانب هذا البيت الكريم.
وقد أدى حسد سارة زوجته الأولى لهاجر التي كانت جارية واختارها زوجة له وولدت له إسماعيل.. أدى إلى أن يأتي بها من فلسطين بأمر الله إلى مكة ويتركها وابنها بين الصحاري والجبال اليابسة، بدون مأوى ولا قطرة ماء، ويعود ثانية إلى فلسطين.
إن ظهور عين زمزم ومجئ قبيلة جرهم والسماح لها بالسكن كل ذلك أدى لأن تعمر هذه الأرض. ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليه وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون.
ومن الطريف أن يقول بعض المؤرخين: حينما وضع إبراهيم زوجته هاجر وابنه الرضيع إسماعيل في مكة وأراد الرجوع، نادته: يا إبراهيم، من أمرك أن تضعنا في أرض قاحلة لا نبات فيها ولا ماء ولا إنسان؟ فأجابها بجملة قصيرة:
ربي أمرني بذلك، قالت: ما دام كذلك فإن الله لا يتركنا.
وقد سافر إبراهيم (عليه السلام) مرارا إلى مكة بقصد زيارة ابنه إسماعيل، وفي واحدة من هذه السفرات أدى مراسم الحج، وجاء بإسماعيل الذي كان شابا قويا ومؤمنا صادقا إلى المذبح ليفتدي به بأمر من الله وعندما لبى أمر ربه وخرج من هذا الامتحان العظيم بأفضل صورة، قبل الله سبحانه وتعالى فديته، وحفظ له إسماعيل، وبعث له كبشا ليفتدي به.