2 بحوث هذا المثال البليغ الذي عبر عنه القرآن الكريم بألفاظ موزونة وعبارات منظمة. وصور فيها الحق والباطل بأروع صورة، فيه حقائق مخفية كثيرة ونشير هنا إلى قسم منها:
3 1 - ما هي علائم معرفة الحق والباطل؟
يحتاج الإنسان في بعض الأحيان لمعرفة الحق والباطل - إذا أشكل عليه الأمر - إلى علائم وأمثال حتى يتعرف من خلالها على الحقائق والأوهام. وقد بين القرآن الكريم هذه العلامات من خلال المثال أعلاه:
ألف: - الحق مفيد ونافع دائما، كالماء الصافي الذي هو أصل الحياة. أما الباطل فلا فائدة فيه ولا نفع، فلا الزبد الطافي على الماء يروي ظمآنا أو يسقي أشجارا، ولا الزبد الظاهر من صهر الفلزات يمكن أن يستفاد منه للزينة أو للاستعمالات الحياتية الأخرى، وإذا استخدمت لغرض فيكون استخدامها رديئا ولا يؤخذ بنظر الاعتبار.. كما نستخدم نشارة الخشب للإحراق.
باء: - الباطل هو المستكبر والمرفه كثير الصوت، كثير الأقوال لكنه فارغ من المحتوى، أما الحق فمتواضع قليل الصوت، وكبير المعنى، وثقيل الوزن (1).
جيم - الحق يعتمد على ذاته دائما، أما الباطل فيستمد اعتباره من الحق ويسعى للتلبس به، كما أن (الكذب يتلبس بضياء الصدق) ولو فقد الكلام الصادق من العالم لما كان هناك من يصدق الكذب. ولو فقدت البضاعة السليمة من العالم لما وجد من يخدع ببضاعة مغشوشة. وعلى هذا فوجود الباطل راجع إلى شعاعه الخاطف واعتباره المؤقت الذي سرقه من الحق، أما الحق فهو مستند إلى نفسه واعتباره منه.