معهم أخاهم الصغير برغم امتناع الأب في البداية، ولكنهم أصروا عليه وانتزعوا منه الموافقة لكي يثبتوا لك إنهم قد وفوا بالعهد، أما يوسف فإنه قد استقبلهم بحفاوة وكرم بالغين ودعاهم لتناول الطعام على مائدته، فأمر أن يجلس كل اثنين منهم على طبق من الطعام، ففعلوا وجلس كل واحد منهم بجنب أخيه على الطعام، وبقي بنيامين وحيدا فتألم من وحدته وبكى وقال: لو كان أخي يوسف حيا لعطف علي ولأجلسني إلى جنبه على المائدة لأننا إخوة من أب واحد وأم واحدة، قال يوسف مخاطبا إياهم: إن أخاكم بقي وحيدا وإنني سأجلسه بجنبي على المائدة ونأكل سوية من الطعام، ثم بعد ذلك أمر يوسف بأن تهيأ لهم الغرف ليستريحوا فيها ويناموا، ومرة أخرى بقي بنيامين وحيدا، فاستدعاه يوسف إلى غرفته وبسط له الفراش إلى جنبه، لكنه لاحظ في تقاسيم وجهه الحزن والألم وسمعه يذكر أخاه المفقود (يوسف) متأوها، عند ذاك نفذ صبر يوسف وكشف عن حقيقة نفسه، والقرآن الكريم يصف هذه الوقائع بقوله: ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون.
قوله تعالى (لا تبتئس) مأخوذ من مادة (البؤس) وهو أصل بمعنى الضرر والشدة، لكن في الآية الشريفة استعملت بمعنى: لا تسلط الغم على نفسك ولا تكن حزينا من معاملتهم لك، والمراد بقوله " يعملون " هو معاملة الاخوة السيئة لأخيهم بنيامين حيث خططوا لإبعاده وطرده من بينهم كما فعلوا بيوسف - فقال يوسف لأخيه: لا تحزن فإن المحاولات التي قاموا بها لإلحاق الضرر بي قد انقلبت إلى خير وسعادة ورفعة لي، إذا لا تحزن وكن على يقين بأن محاولاتهم سوف تذهب أدراج الرياح.
وتقول بعض الروايات: إنه عند ذاك اقترح يوسف على أخيه بنيامين وقال له: هل تود أن تبقى عندي ولا تعود معهم؟