3 4 - قصة يوسف قبل الإسلام وبعده لا شك أن قصة يوسف كانت مشهورة ومعروفة بين الناس قبل الإسلام، لأنها مذكورة في (14) فصلا من [سفر التكوين] في التوراة بين [الفصل 37 - 50] ذكرا مفصلا.
وبطبيعة الحال فإن المطالعة الدقيقة في هذه الفصول الأربعة عشر تكشف مدى الاختلاف بين ما جاء في التوراة وما جاء في القرآن.
وبالمقارنة بين نص التوراة ونص القرآن نجد أن نص القصة في القرآن في غاية الصدق وتخلو من أي خرافة.
وما يقوله القرآن للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): وإن كنت من قبله لمن الغافلين يشير إلى قصة يوسف التي عبر عنها بأحسن القصص، حيث لم يكن النبي مطلعا على حقيقتها الخالصة.
ويظهر من التوراة أن يعقوب (عليه السلام) لما رأى قميص يوسف ملطخا بالدم قال:
هذا قميص ولدي وقد أكله الحيوان المفترس، فيوسف ممزق الأحشاء ثم خرق يعقوب ثوبه وشد الحزام على ظهره وجلس أياما للبكاء والنواح على يوسف، وقد عزاه جميع أبنائه ذكورا وإناثا إلا أنه امتنع أن يقبل تعزيتهم وقال: سأدفن في القبر حزنا على ولدي.
بيد أن القرآن يبين: إن يعقوب لم يصدق ما قاله أولاده، ولم يفزع ولم يجزع لمصيبة ولده يوسف، بل أدى ما عليه من سنة الأنبياء من الصبر والتوكل على الله، وقال لأبنائه: بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون وإن كان قلبه يحترق على فراق ولده وعيناه تدمعان من أجله حتى ابيضتا وعميتا، ولكن - وكما يعبر القرآن - لم يقم بأي عمل من قبيل تخريق الثوب والنواح وشد الحزام على ظهره - والذي كان علامة للمصيبة و " العزاء " - وإنما قال: " صبر جميل " وكتم حزنه " فهو كظيم ".