يعوض عنه، وربما كان هذا التعبير مثيرا لنار الحسد في إخوة يوسف أكثر.
ومن جهة أخرى فإن هذا الموضوع الذي أشار إليه يعقوب، وهو حزنه على ابتعاد يوسف عنه يمكن رده، وهو لا يحتاج إلى بيان، لأن الولد لابد له من الابتعاد عن أبيه من أجل أن ينمو ويرشد، وإذا أريد له أن يكون كنبات " النورس " بحيث يبقى تحت ظل شجرة " وجود الأب " فإنه سوف يبقى عالة عليه فلابد من هذا الابتعاد والانفصال حتى يتكامل ولده، فاليوم تنزه وغدا اجتهاد ومثابرة لتحصيل العلم، وبعد غد عمل وسعي للحياة، وأخيرا فإن الانفصال لابد منه.
لذلك فإنهم لم يجيبوه عن الشق الأول من كلامه، بل أجابوه عن الشق الثاني لأنه كان مهما وأساسيا بالنسبة لهم إذ قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون.
أي: أترانا موتى فلا ندافع عن أخينا، بل نتفرج على الذئب كيف يأكله! ثم إضافة إلى علاقة الأخوة التي تدفعنا للحفاظ على أخينا، ما عسى أن نقول للناس عنا؟ هل ننتظر ليقال عنا: إن جماعة أقوياء وفتية أشداء جلسوا وتفرجوا على الذئب وهو يفترس أخاهم! فهل نستطيع العيش بعد هذا مع الناس؟!
لقد أجابوا أباهم بما تضمن قوله: أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ومشغولون بلعبكم، كيف يكون ذلك؟ والمسألة ليست بهذه البساطة...
إنها الخسارة وذهاب ماء الوجه والخزي... إذ كيف يمكن لواحد منا أن يشغله اللعب فيغفل عن أخيه يوسف، لأنه في مثل هذه الحال لا تبقى لنا قيمة ولا نصلح لأي عمل.
ويبرز هنا سؤال مهم... وهو: لماذا أشار يعقوب إلى خطر الذئب من دون الأخطار الأخرى؟!
قال البعض: إن صحراء كنعان - كانت - " صحراء مذئبة " ومن هنا كان