3 بحوث 1 - بالنسبة للآيات السابقة فإن أول ما يتبادر إلى الذهن، هو أنه كيف وافق يعقوب على سفر بنيامين مع اخوته برغم ما أظهروه في المرة السابقة من سوء المعاملة مع يوسف، إضافة إلى هذا فإننا نعلم أنهم كانوا يبطنون الحقد والحسد لبنيامين - وإن كان أخف من حقدهم وحسدهم على يوسف - حيث وردت في الآيات الافتتاحية لهذه السورة قوله تعالى: إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة أي أن يوسف وأخاه أحب إلى أبينا برغم ما نملكه نحن من قوة وكثرة.
لكن تظهر الإجابة على هذا السؤال إذا لاحظنا أنه قد مضى ثلاثون إلى أربعين سنة على حادثة يوسف، وقد صار اخوة يوسف الشبان كهولا، ومن الطبيعي أنهم نضجوا أكثر من السابق، كما وقفوا على الآثار السلبية والسيئة لما فعلوه مع يوسف، سواء في داخل أسرتهم أم في وجدانهم، حيث أثبتت لهم تجارب السنين السالفة أن فقد يوسف كان لا يزيد حب أبيهم لهم، بل إزداد نفوره منهم وخلق لهم مشاكل جديدة.
إضافة إلى هذه الأمور فإن يعقوب لم يواجه طلبا للخروج إلى التنزه والصيد، بل كان يواجه مشكلة مستعصية مستفحلة، وهي إعداد الطعام لعائلة كبيرة وفي سنوات القحط والمجاعة.
فمجموع هذه الأمور أجبرت يعقوب على الرضوخ لطلب أولاده والموافقة على سفر بنيامين ولكنه أخذ منهم العهود والمواثيق على أن يرجعوه سالما.
2 - السؤال الآخر الذي نواجهه هنا هو أنه هل الحلف وأخذ العهد والمواثيق منهم كان كافيا لكي يوافق يعقوب على سفر بنيامين معهم؟
الجواب: أنه من الطبيعي أن مجرد الحلف واليمين لم يكن كافيا لذلك، ولكن في هذه المرة كانت الشواهد والقرائن تدل على أن هناك حقيقة واضحة قد برزت