أخرى فالظهور بالقياس إلى علمنا وليس إلى علم الله المطلق.
وتصور الآية التالية كيفية بروزهم إلى الله فنقول: وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد.
" الأصفاد " جمع " صفد " بمعنى الغل، وقال البعض هو الغل والسلاسل التي تجمع اليد إلى العنق.
" مقرنين " من مادة " القرن والاقتران " وهي بنفس المعنى، لكن لو استخدمت من باب التفعيل يستفاد منها التكثير، وعلى ذلك فكلمة مقرنين بمعنى الأشخاص المتقاربين مع بعضهم البعض.
وللمفسرين ثلاث آراء حول المقصود من هذه الكلمة:
الأول: هو تقييد المجرمين بالسلاسل والأغلال بعضهم مع البعض الآخر وظهورهم بهذه الصورة في يوم القيامة، إن هذا الغل هو عبارة عن تجسيد للروابط العملية والفكرية بين المجرمين في هذه الدنيا، حيث كان يساعد بعضهم البعض على الظلم والفساد، وتتجسد هذه العلاقة في الآخرة بصورة سلاسل تربطهم فيما بينهم.
الثاني: إن المجرمين يقرنون مع الشياطين بالسلاسل في يوم القيامة بسبب علاقتهم الباطنية معهم في هذه الدنيا.
الثالث: أن تقيد أيديهم برقابهم في الآخرة.
ولا مانع هناك من أن تجمع هذه الصفات للمجرمين، لكن المعنى الأول الذي ذكرناه يوافق ظاهر الآية.
ثم يتطرق القرآن الكريم إلى لباسهم والذي هو أحد أفراد المجازاة الشديدة سرابيلهم من قطران وتغش وجوههم النار.
" سرابيل " جمع (سربال) على وزن (مثقال) بمعنى القميص من أي قماش كان، ويقول البعض بأنه كل أنواع اللباس، لكن الأول أقرب إلى المعنى.