فإن نواميسكم كانت خدما في أيدي الطامعين.
وليس هذا المورد خاص ببني إسرائيل، بل في جميع الأمم والأقوام. فإن يوم الوصول إلى الاستقلال والحرية وقطع أيدي الطواغيت يوم من أيام الله الذي يجب أن نتذكره دوما حتى لا نعود إلى ما كنا عليه في الأيام الماضية.
" يسومونكم " من مادة (سوم) على وزن (صوم) بمعنى البحث عن الشئ، وتأتي بمعنى فرض عمل على الآخرين (1)، ولهذا فإن معنى جملة يسومونكم سوء العذاب: إن أولئك كانوا يفرضون عليكم أسوأ الأعمال وأكثرها تعذيبا. وهل أن تجميد وإبادة الكتلة الفعالة في المجتمع واستخدام نسائهم وإذلالهن على يد فئة ظالمة وطاغية يعتبر أمرا هينا؟!
ثم إن التعبير بفعل المضارع " يسومون " إشارة إلى أن هذا العمل كان مستمرا لمدة طويلة.
وجملة يذبحون أبناءكم... معطوفة على " سوء العذاب " وفي عين الوقت هي من مصاديق سوء العذاب، وذلك بسبب أهمية هذين العذابين، وهذا توضيح أن فرعون وقومه الظالمين فرضوا على بني إسرائيل أحكاما جائرة أخرى، إلا أن هذين العذابين كانا أشد وأصعب.
ثم يضيف القرآن الكريم وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد (2) يمكن أن تكون هذه الآية من كلام موسى لبني إسرائيل التي دعاهم فيها إلى الشكر في مقابل ذلك النجاة والنصر والنعم الكثيرة، ووعدهم بزيادة النعم، وفي حالة كفرهم هددهم بالعذاب، ويمكن أن تكون جملة مستقلة وخطابا للمسلمين، ولكن على أية حال فالنتيجة واحدة، لأنه حتى إذا كان الخطاب موجها لبني إسرائيل وروده في القرآن الكريم ليكون درسا بناءا لنا.