إبراهيم أن يذهب بهما إلى مكان آخر، فاستجاب لها إبراهيم طبقا للأوامر الإلهية، وجاء بإسماعيل وامه إلى صحراء مكة القاحلة، ثم ودعهم وذهب.
ولم يمض قليل من الوقت حتى عطشت الام وابنها في تلك الشمس المحرقة، وسعت هاجر كثيرا في إنقاذ ابنها، ولكن الله تعالى أراد أن تكون تلك الأرض قاعدة عظيمة للعبادة فأظهر عين زمزم، ولم يمض وقت حتى علمت قبيلة " جرهم " البدوية التي كانت قريبة منهم بالأمر، فرحلوا وأقاموا عندهم، فأخذت مكة بالتحضر شيئا فشيئا.
ثم يتابع إبراهيم (عليه السلام) دعاءه: إلهي، ان أهلي قد سكنوا في هذه الصحراء المحرقة احتراما لبيتك المحرم: فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وأرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون.
ومن هنا لما كان الإنسان الموحد والعارف يعلم بمحدودية علمه في مقابل علم الله، وانه يعلم مصلحته إلا الله تعالى، فما أكثر ما يطلب شيئا من الله وليس فيه صلاحه، أو لا يطلبه وفيه صلاحه، وأحيانا لا يستطيع أن يقوله بلسانه فيضمره في أعماق قلبه، ولذلك يعقب على ما مضى من دعائه ويقول: ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شئ في الأرض ولا في السماء.
فان كنت مغتما لفراق ابني وزوجتي فأنت تعلم بذلك.. وترى دموع عيني المنهملة. وإن كان قلبي قد ملأه هم الفراق، وامتزج بفرح العمل بالتكليف والطاعة لأوامرك فأنت أعلم بذلك..
وعندما فارقت زوجتي وقالت لي: " إلى من تكلني " فأنت أدرى بها وبمستقبلها ومستقبل هذه الأرض.
ثم يشير القرآن إلى شكر إبراهيم (عليه السلام) لنعمه تعالى والتي هي من أهم ما امتاز به (عليه السلام).. شكره على منحه ولدين بارين إسماعيل وإسحاق وذلك في سن