على أحد أمرين:
ألف: المراد من تبديل " النعمة " إلى " كفران " هو عدم شكرهم لهذه النعم، فبدلوا الشكر بالكفران (في الحقيقة كلمة الشكر مقدرة، ففي التقدير: الذين بدلوا شكر نعمة الله كفرا).
ب: - إن المقصود هو تبديلهم نفس " النعمة " " كفرا "، وفي الحقيقة فإن النعم الإلهية وسائل، وطريقة استعمالها مرتبطة بإرادة الإنسان، فمثلما يمكن أن نستفيد منها في طريق السعادة والإيمان والعمل الصالح، يمكن أن نستعملها كذلك في مسير الكفر والظلم والفساد، فهي كالمواد الأولية التي يمكن بمساعدتها الحصول على أنواع مختلفة من الإنتاج، إلا أنها خلقت في الأصل للخير والسعادة.
2 - ليس " كفران النعم " عدم الشكر اللساني فقط، بل كل استفادة غير صحيحة ومنحرفة للنعم، تلك هي حقيقة الكفران، وأما عدم الشكر باللسان ففي الدرجة الثانية، وكما قلنا سابقا فإن شكر النعمة تعني صرفها في الهدف الذي خلقت من أجله، والشكر عليها باللسان يأتي في الدرجة الثانية، فإذا قلنا آلاف المرات: الحمد لله، ولكننا أسأنا عمليا الاستفادة من النعم، فذلك كفران للنعم.
وفي عصرنا الحاضر أفضل نموذج لتبديل النعم بالكفران هو استخدام الإنسان لمواهب الطبيعة بفكره ومهارته التي منحها الله للإنسان لخدمة منافعه الخاصة. فالإكتشافات العلمية والخبرات الصناعية غيرت وجه العالم ورفعت عن كاهل الإنسان عبئا ثقيلا ووضعته على عجلات المعامل. فالمواهب والنعم الإلهية أكثر من أي زمن آخر، ووسائل نشر المعارف وانتشار العلوم ومعرفة جميع أخبار العالم متوفرة في أيدي الجميع، فيجب على الناس في هذا العصر أن يكونوا سعداء من الناحية المادية والمعنوية.
ولكن بسبب تبديل النعم الإلهية الكبيرة إلى كفران، وصرف القوى الطبيعية