الوصف الثاني للجنة هو أكلها دائم.
فهي ليست كفاكهة الدنيا فصلية وتظهر في وقت معين من السنة، بل في بعض الأحيان وبسبب الآفات الزراعية تنقطع تماما، لكن ثمار الجنة ليست فصلية ولا موسمية وغير مصابة بآفة، بل كإيمان المؤمنين المخلصين دائمة وثابتة.
وكذلك وظلها ليس كظل أشجار الدنيا التي يظهر ظلها إذا كانت الشمس أفقية ويزول أو يقل إذا صارت عمودية، أو يظهر في الربيع والصيف عندما تكون الأشجار مورقة، ويزول في الخريف والشتاء عند تساقط الأوراق، (بالطبع هناك أشجار قليلة تعطي ثمارا وأزهارا على مدار السنة، وهذه تكون في المناطق المعتدلة التي ليس فيها شتاء).
الخلاصة: ظلال الجنة كبقية النعم الأخرى خالدة ودائمة، ومن هذا يتضح أن ليس في الجنة فصل لتساقط الأوراق، ونعلم من ذلك - أيضا - أن شعاع الشمس موجود في الجنة، وإلا كان التعبير بالظل هناك بدون شعاع الشمس ليس له أي مفهوم، وأما ما جاء في الآية (13) من سورة الدهر لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا قد تكون إشارة إلى إعتدال الهواء، فلا الشمس محرقة ولا البرد قارس، وهذا لا يعني أن لا تكون هناك شمس أصلا.
إن انطفاء الشمس ليس دليلا على زوالها أبدا، لأن القرآن الكريم يقول:
يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات (1) تكون أوسع وبهيئة جديدة.
وإذا قيل: إن كانت شمس الجنة غير محرقة، فعلام الظل؟
نقول في جوابهم: إن الظل ليس مانعا لحرارة الشمس فقط، بل إن الرطوبة المعتدلة الصادرة من الأوراق باتحاذها مع الأوكسجين تعطي نشاطا ولطافة خاصة للظل، ولذلك كان ظل الأشجار مختلفا عن ظل السقوف الجافة.