انتثرت وإذا البحار فجرت وإذا القبور بعثرت.
يستفاد من مجموع هذه الآيات والآيات الأخرى التي تتحدث عن بعث الناس من القبور، أن النظام الحالي للعالم لا يبقى بهذه الصورة التي هو عليها، ولا يفنى فناء تاما، بل تتغير صورة العالم وتعود الأرض مسطحة مستوية ويبعث الناس في أرض جديدة (بالطبع تكون الأرض أكثر كمالا لأن الآخرة كل ما فيها أوسع وأكمل).
ومن الطبيعي أن عالمنا اليوم ليس له الاستعداد لتقبل مشاهد الآخرة، وهو محدود المجال بالنسبة لحياتنا الأخروية وكما قلنا مرارا: إن نسبة عالم الآخرة إلى عالم الدنيا كنسبة عالم الجنين في الرحم إلى الدنيا.
والآيات التي تقول: يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون دليل واضح على هذه الحقيقة.
من الطبيعي أننا لا نستطيع أن نصور الآخرة وخصائصها بشكل دقيق - كما هو حال الجنين في بطن امه لو افترضنا أن له عقلا كاملا، فإنه لا يستطيع أن يتصور عالم الدنيا - إلا أننا نعلم أنه سوف يحدث تغيير عظيم لهذا العالم، حيث يتم تدميره وتبديله بعالم جديد، ومن الطريف ما ورد في الروايات من أن الأرض تبدل بخبزة نقية بيضاء يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب.
وقد وردت هذه الروايات بطرق مختلفة في تفسير نور الثقلين، وأشار إليها القرطبي في تفسيره كذلك.
وليس من المستبعد أن يكون المقصود من هذه الروايات أن الأرض سوف تغطيها مادة غذائية يمكن للإنسان أن يستعملها بسهولة، ووصفها بالخبز لأنه الأكثر احتواء لهذه المادة الغذائية.