الشخص دون علمه بأنه ملك الغير. أو كسر الصنم ورميه على الطريق، أو أخذ الطعام من المائدة التي بسطها أبوه ويعلم أنه يرضى بالتصدق ببعضها للفقراء والمساكين، لا يعد سرقة ولا يجوز معاقبة من فعله بهذه التهمة.
وعندما لاحظ الإخوة أنفسهم محاصرين بين أمرين، فمن جهة وطبقا للسنة والدستور المتعين عندهما لابد وأن يبقى أخوهم الصغير - بنيامين عند عزيز مصر ويقوم بخدمته كسائر عبيده، ومن جهة أخرى فإنهم قد أعطوا لأبيهم المواثيق والأيمان المغلظة على أن يحافظوا على أخيهم بنيامين ويعودوا به سالما إليه، حينما وقعوا في هذه الحالة توجهوا إلى يوسف الذي كان مجهول الهوية عندهم، مخاطبين إياه قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه لكي نرجعه إلى أبيه ونكون قد وفينا بالوعد الذي قطعناه له، فإنه شيخ كبير ولا طاقة له بفراق ولده العزيز، فنرجو منك أن تترحم علينا وعلى أبيه ف إنا نراك من المحسنين.
أما يوسف فإنه قد واجه هذا الطلب بالإنكار الشديد و قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده فإن العدل والإنصاف يقتضي أن يكون المعاقب هو السارق، وليس بريئا رضي بأن يتحمل أوزار عمل غيره، ولو فعلنا لأمسينا من الظالمين إنا إذا لظالمون.
والطريف أن يوسف لم ينسب لأخيه السرقة وإنما عبر عنه ب من وجدنا متاعنا عنده. وهذا برهان على السلوك الحسن والسيرة المستقيمة التي كان ينتهجها يوسف في حياته.
* * *