3 5 - السقاية أو الصواع يلاحظ في الآيات السابقة أن الله سبحانه وتعالى يعبر عن الكيل تارة ب (الصواع) وأخرى ب (السقاية)، والظاهر أنهما صفتان لشئ واحد، حيث ورد في بعض المصادر أن هذا الصاع كان في أول الأمر كأسا يسقى به الملك، ثم حينما عم القحط والغلاء في مصر وصار الطعام والحبوب يوزع على الناس حسب الحصص، استعمل هذا الكأس الثمين لكيل الطعام وتوزيعه، وذلك إظهارا لأهمية الحبوب وترغيبا للناس في القناعة وعدم الإسراف في الطعام.
ثم إن المفسرين ذكروا أوصافا عديدة لهذا الصاع، حيث قال بعضهم أنها كانت من الفضة وقال آخرون: إنها كأس ذهبية، وأضاف آخرون أن الكأس كان مطعما بالجواهر والأحجار الكريمة، وقد وردت في بعض الروايات الضعيفة إشارة إلى هذه الأمور، لكن ليس لنا دليل قطعي وصريح على صحة كل هذه المذكورات، إلا ما قيل من أن هذا الصاع كان في يوم من الأيام كأسا يسقى به ملك مصر، ثم صار كيلا للطعام، ومن البديهي أنه لابد وأن يكون لهذا الصاع صبغة رمزية واعتبارية للدلالة على أهمية الطعام وتحريض الناس على عدم الإسراف فيه، إذ لا يعقل أن يكون الجهاز الذي يوزن به كل ما يحتاجه البلد من الطعام والحبوب، هو مجرد كأس كان يستعمله الملك في يوم من الأيام.
وأخيرا فقد مر علينا خلال البحث أن يوسف قد اختير مشرفا على خزائن الدولة، ومن الطبيعي أن يكون الصاع الملكي الثمين في حوزته، فحينما حكم على بنيامين بالعبودية صار عبدا لمن كان الصاع في يده (أي يوسف) وهذه هي النتيجة التي كان يوسف قد خطط لها.
* * *