ثم أمرهم الأخ الأكبر أن يرجعوا إلى أبيهم ويخبروه بما جرى عليهم ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وهذه شهادة نشهدها بمقدار علمنا عن الواقعة حيث سمعنا بفقد صواع الملك، ثم عثر عليه عند أخينا، وظهر للجميع إنه قد سرقها وما شهدنا إلا بما علمنا ولكن نحن لا نعلم إلا ما شهدناه بأعيننا وهذا غاية معرفتنا وما كنا للغيب حافظين.
وقد يرد احتمال في تفسير هذه الآية، فلعلهم بقولهم: وما كنا للغيب...
أرادوا أن يخاطبوا أباهم بأننا وإن قطعنا عند الأيمان والعهود المغلظة على أن نرجع أخانا سالما، لكننا لا نعرف من الأمور إلا ظواهرها ومن الحقائق إلا بعضها، فغيب الأمور عند الله سبحانه ولم نكن نتصور أن يسرق أخونا.
ثم أرادوا أن يزيلوا الشك والريبة عن قلب أبيهم فقالوا يمكنك أن تتحقق وتسأل من المدينة التي كنا فيها وسأل القرية التي كنا فيها (1) ومن القافلة التي سافرنا معها إلى مصر ورجعنا معها، حيث أن فيها أناسا يعرفونك وتعرفهم، وبمقدورك أن تسألهم عن حقيقة الحال وواقعها والعير التي أقبلنا فيها (2) وفي كل الأحوال كن على ثقة بأننا صادقون ولم نقص عليك سوى الحقيقة والواقع وإنا لصادقون.
يستفاد من مجموع هذه الكلمات والحوار الذي دار بين الأولاد والأب أن قضية سرقة بنيامين كانت قد شاعت في مصر، وأن جميع الناس علموا بأن أحد أفراد العير والقافلة القادمة من كنعان حاول سرقة صواع الملك، لكن موظفي الملك تمكنوا بيقظتهم من العثور عليها والقبض على سارقها، ولعل قول الاخوة