الأمور في القضايا الاقتصادية دون إعطاء أي دور للإنسان، ولكن برغم ذلك فإنه لا يمكن غض النظر عن أهمية القضايا الاقتصادية ودورها في المجتمعات، والآيات السابقة تشير إلى هذه الحقيقة، والملاحظ أن يوسف ركز من بين جميع مناصب الدولة على منصب الإشراف على الخزانة، وذلك لعلمه أنه إذا نجح في ترتيب اقتصاد مصر، فإنه يتمكن من إصلاح كثير من المفاسد الاجتماعية، كما أن تنفيذه للعدالة الاقتصادية يؤدي إلى سيطرته على سائر دوائر الدولة وجعلها تحت إمرته.
وقد اهتمت الروايات الإسلامية بهذا الموضوع اهتماما كبيرا، فمثلا نرى في الرواية المعروفة المروية عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه جعل (قوام الدين والدنيا) في ركنين: أحدهما القضايا الاقتصادية وما يقوم عليه معاش الناس، والركن الآخر هو العلم والمعرفة.
وبرغم أن المسلمين قد أهملوا هذا الجانب من الحياة الفردية والاجتماعية الذي إهتم به الإسلام كثيرا وتأخروا عن أعداء الإسلام في هذا الجانب، إلا أن يقظة المجتمعات الإسلامية المتزايدة وتوجههم نحو الإسلام يزيد الأمل في النفوس بأن تزيد من نشاطها الاقتصادي وتعتبره عبادة إسلامية كبرى، وتقوم ببناء نظام اقتصادي مدروس وفق خطط محكمة لكي تعود إليهم قوتهم ونشاطهم.
وهنا نقطة أخرى يجب التنبيه عليها، وهي إننا نلاحظ أن يوسف (عليه السلام) يخاطب الملك ويقول له: إني حفيظ عليم وهذه إشارة إلى أهمية عنصر الإدارة إلى جانب عنصر الأمانة وأن توفر عنصر الأمانة والتقوى فقط في شخص لا يؤهله لأن يتصدى لأحد المناصب الاجتماعية الحساسة، بل لابد من إجتماع ذلك العامل مع العلم والتخصص والقدرة على الإدارة، لكونه قرن ال (عليم) مع ال (حفيظ) وكثيرا ما نشاهد الأضرار الناتجة عن سوء الإدارة لا تقل بل تزيد على