والعاصين لأمر الله.
وقال آخرون: إنها تشير إلى المعنيين السابقين معا.
لكننا - حقا - لا نستطيع أن نجعل هذه العبارة البليغة والواضحة محدودة، فأيام الله هي جميع الأيام العظيمة في تاريخ الإنسانية. فكل يوم سطعت فيه الأوامر الإلهية وجعلت بقية الأمور تابعة لها، هي من أيام الله، وكل يوم يفتح فيه فصل جديد من حياة الناس فيه درس وعبرة، أو ظهور نبي فيه، أو سقوط جبار وفرعون - أو كل طاغ - ومحوه من الوجود. خلاصة القول: كل يوم يعمل فيه بالحق والعدالة ويقع في الظلم وتطغا فيه بدعة، هو من أيام الله.
وكما سوف نرى أن روايات الأئمة (عليهم السلام) في تفسير هذه الآية تشير إلى هذه الأيام الحساسة.
وفي آخر الآية يقول تعالى: إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور.
" صبار " و " شكور " صيغة مبالغة فأحدهما تشير إلى شدة الصبر، والأخرى إلى زيادة الشكر، وتعني أن المؤمنين كما لا يستسلمون للحوادث والمشاكل التي تصيبهم في حياتهم، كذلك لا يغترون ولا يغفلون في أيام النصر والنعم، وذكر هاتين الصفتين بعد الإشارة إلى أيام الله دليل على ما قلناه.
تشير الآية الأخرى إلى أحد هذه الأيام التي كانت ساطعة ومثمرة في تاريخ بني إسرائيل، وذكرها تذكرة للمسلمين حيث يقول تعالى: وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون هؤلاء الفراعنة الذين كانوا يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم.
أي يوم أكثر بركة من ذلك اليوم حيث أزال الله عنكم فيه شر المتكبرين والمستعمرين، الذين كانوا يرتكبون أفظع الجرائم بحقكم، وأي جريمة أعظم من ذبح أبنائكم كالحيوانات (انتبه إلى أن القرآن عبر بالذبح لا بالقتل) وأهم من ذلك