يرى الأسباب شيئا، ولا يعتمد على الوسائل والأسباب، بل نقول: أن لا يرى تأثيرا واقعيا في السبب، بل يرى رأس الخيط في جميع الأمور بيد مسبب الأسباب. وبتعبير آخر: لا يرى للأسباب استقلالا، بل يراها تحت هيمنة الذات المقدسة لله سبحانه.
ويمكن أن يكون عدم توجه الأفراد العاديين لهذه الحقيقة الكبرى مدعاة للعفو، ولكن عدم الالتفات ولو بمقدار رأس الإبرة بالنسبة لأولياء الله يكون سببا لمجازاتهم، وإن لم يكن أكثر من " ترك الأولى " ورأينا كيف أن يوسف بسبب عدم توجهه لهذه المسألة المهمة امتد حبسه سنوات لينضج آخرا في " موقد " الحوادث، وليحصل على استعداد أكبر لمواجهة الطغاة، وليعلم أنه لا ينبغي الاعتماد إلا على الله. وعلى المظلومين الذين يسيرون في طريق (الله).
وهذا درس كبير لمن يطوي هذه الطريق وللمجاهدين الصادقين بأن لا يخطر ببالهم الاتفاق مع الشيطان لضرب شيطان آخر!.. ولئلا يميلوا إلى الشرق أو الغرب، ولا يغذون الخطى إلا على الجادة الوسطى وهي " الصراط المستقيم ".
* * *