" وفي بعض الأحيان حتى مع الإجبار " لا يحق له أن يراجع القاضي الظالم من أجل اكتساب حقه، لأن مراجعة مثل هذا القاضي الحاكم الجائر من أجل إحقاق الحق مفهومها أن يعترف ضمنا برسميته وتقواه، ولعل ضرر هذا العمل أكبر من الخسارة التي تقع نتيجة فقدان الحق.
والركون إلى الظلمة يؤثر تدريجا على الثقافة الفكرية للمجتمع، فيضمحل مفهوم " قبح الظلم " ويؤدي بالناس إلى الرغبة في الظلم.
وأساسا لا نتيجة من الركون إلى الغير بصورة التعلق وارتباط الشديد إلا سوء الحظ والشقاء، فكيف إذا كان هذا الركون إلى الظالمين؟
إن المجتمع الحضاري المقتدر هو المجتمع الذي يقف على قدميه، كما يعبر القرآن الكريم في مثل بديع في الآية (29) من سورة الفتح إذ يقول: فاستوى على سوقه والمجتمع الحر المستقل هو المجتمع الذي يكتفي ذاتيا، وارتباطه أو تعاونه مع الآخرين هو ارتباط على أساس المنافع المتبادلة لا على أساس ركون الضعيف إلى القوي، لأن هذا الركون - سواء كان من جهة فكرية أو ثقافية أو اقتصادية أو عسكرية أو سياسية - لا يخلف سوى الأسر والاستثمار، ولا يثمر سوى المساهمة في ظلمهم والمشاركة في خططهم.
وبالطبع فإن الآية المتقدمة ليست خاصة بالمجتمعات فحسب، بل تشمل العلاقة وارتباط بين فردين أيضا، فلا يجوز لإنسان مؤمن أن يركن إلى أي ظالم، فإنه إضافة إلى فقدان استقلاله لركونه إلى دائرة ظلمه، فسيؤدي إلى تقويته واتساع الفساد والعدوان كذلك.
3 4 - من المقصود ب " الذين ظلموا "؟
ذكر المفسرون في هذا المجال احتمالات مختلة، فقال بعضهم: المقصود ب الذين ظلموا هم المشركون، ولكن - كما قال آخرون - لا دليل على