الظلم عقابه ومجازاته، أو يقولوا إنه لم يستطع أن لا يرتكب هذا العمل لأن الله أراد ذلك، أو أن المحيط أجبره، أو الطبيعة... وهذا بنفسه دليل آخر على أن أصل الاختيار فطري.
وعلى كل حال لا نجد للجبر مسلكا في أعمالنا اليومية يرتبط بهذه العقيدة، بل أعمال الناس جميعا تصدر عنهم بصورة حرة ومختارة وهم مسؤولون عنها.
وجميع الأقوام في الدنيا يقبلون حرية الإرادة، بدليل تشكيل المحاكم والإدارات القضائية لمحاكمة المتخلفين.
وجميع المؤسسات التربوية في العالم تقبل بهذا الأصل ضمنا، وهو أن الإنسان يعمل بإرادته ورغبته، ويمكن بإرشاده وتعليمه وتربيته أن يتجنب الأخطاء والاشتباهات والأفكار المنحرفة.
3 2 - واقع الانسان بين السعادة والشقاوة الطريف أن لفظ " شقوا " في الآيات المتقدمة ورد بصيغة المبني للمعلوم، ولفظ " سعدوا " (1) ورد بصيغة المبني للمجهول، ولعل في هذا الاختلاف في التعبير إشارة لطيفة إلى هذه المسألة الدقيقة، وهي أن الإنسان يطوي طريق الشقاء بخطاه، ولكن لابد لطي طريق السعادة في الإمداد والعون الإلهي، وإلا فإنه لا يوفق في مسيره، ولا شك أن هذا الإمداد والعون يشمل أولئك الذين يخطون خطواتهم الأولى بإرادتهم واختيارهم فحسب وكانت فيهم اللياقة والجدارة لهذا الإمداد. (فلاحظوا بدقة).