صحيح أن المفسرين ذكروا أجوبة مختلفة على هذا السؤال، ولكن أوضح الأجوبة هو أن موسى (عليه السلام) طرح مطلب قومه، لأن جماعة من جهلة بني إسرائيل أصروا على أن يروا الله حتى يؤمنوا (والآية 153 من سورة النساء خير شاهد على هذا الأمر) وقد أمر موسى (عليه السلام) من جانب الله أن يطرح مطلب قومه هذا على الله سبحانه حتى يسمع الجميع الجواب الكافي، وقد صرح بهذا في رواية مروية عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في كتاب عيون أخبار الرضا أيضا (1).
ومن القرائن الواضحة التي تؤيد هذا التفسير ما نقرأه في الآية (155) من نفس هذه السورة، من أن موسى (عليه السلام) قال بعدما حدث ما حدث: أتهلكنا بما فعل السفهاء منا.
فيتضح من هذه الجملة أن موسى (عليه السلام) لم يطلب لنفسه مثل هذا الطلب اطلاقا، بل لعل الرجال السبعين الذين صعدوا معه إلى الميقات هم أيضا لم يطلبوا مثل هذا الطلب غير المعقول وغير المنطقي، إنهم كانوا مجرد علماء، ومندوبين من جانب بني إسرائيل خرجوا مع موسى (عليه السلام) لينقلوا فيما بعد مشاهداتهم لجماعات الجهلة والغافلين الذين طلبوا رؤية الله سبحانه وتعالى ومشاهدته.
3 2 - هل يمكن رؤية الله أساسا؟
نقرأ في الآية الحاضرة أن الله سبحانه قال لموسى (عليه السلام): انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فهل مفهوم هذا الكلام هو أن الله قابل للرؤية أساسا؟
الجواب هو أن هذا التعبير هو كناية عن استحالة مثل هذا الموضوع، مثل جملة (حتى يلج الجمل في سم الخياط) وحيث أنه كان من المعلوم أن الجبل يستحيل أن يستقر في مكانه عند تجلي الله له، لهذا ذكر هذا التعبير.