3 4 - المفهوم الواسع للآية إن الآية الحاضرة وإن كانت ناظرة إلى وضع الأقوام الغابرة، ولكنه من المسلم أن مفهومها مفهوم واسع وعام ودائم، ولا تنحصر في شعب معين أو قوم خاص، فإنها سنة إلهية أن يبتلى غير المؤمنين، والمتورطين في المعاصي والذنوب بأنواع مختلفة ومتنوعة من البلايا في هذه الدنيا، فربما ينزل عليهم البلاء السماوي والأرضي، وربما تشتعل نيران الحروب العالمية أو المحلية فتبتلغ أموالهم وتبيدها وربما يفارقهم الأمن والاستقرار، فتسحق المخاوف والهواجس بأظلافها أبدانهم ونفوسهم، وحسب تعبير القرآن يكون كل ذلك بما كسبت أيديهم ورد فعل لأعمالهم.
إن فيض الله ليس محدودا ولا ممنوعا، كما أن عقوباته لا تختص بقوم أو شعب.
3 لماذا تعيش الأمم الكافرة في الرخاء؟
من كل ما قلناه يتضح الجواب على سؤال يدور كثيرا بين جماعة من الناس، وهو: إذا كان الإيمان والتقوى يبعثان على نزول أنواع البركات الإلهية، ويكون العكس موجبا لسلب البركات، فلماذا نشاهد الشعوب غير المؤمنة ترفل في الرخاء والرفاه، في حين يعيش جماعة من أهل الإيمان بعسر ومشقة؟
إن الإجابة على هذا السؤال تتضح بملاحظة نقطتين:
1 - إن تصور أن الشعوب غير المؤمنة الفاقدة للتقوى ترفل في النعمة والرخاء وتغرق في السعادة هو تصور خاطئ ينبع من اشتباه أكبر، وهو اعتبار الثروة دليلا على السعادة.
إن الناس يتصورون - عادة - أن كل شعب امتلك صناعة أكثر تقدما، وثروة أكبر، كان أسعد من غيره، في حين لو تسنى لنا أن ننفذ إلى أعماق هذه