أن التكرار أو التأكيد على المسائل الحساسة من أصول البلاغة، ويلاحظ في أقوال البلغاء والفصحاء، لكن في الآيات - آنفة الذكر - فرقا مهما يخرج تلك العبارة عن صورة التكرار. وهو أن الآية الأولى تشير إلى الجزاء الإلهي في مقابل إنكار آيات الحق والتكذيب بها، ثم تمثل حال هؤلاء بقوم فرعون والأقوام السابقين.
إلا أن الآية الثانية تشير إلى تبدل النعم في الدنيا وذهاب المواهب الربانية، مثل الانتصارات والأمن والقدرات وما يفتخر به. ثم مثلت الآية بحال فرعون والأقوام السابقين.
ففي الحقيقة أن جانبا من الكلام كان عن سلب النعم وما ينتج عن ذلك من الجزاء، ويقع الكلام في جانب آخر منه على تبدل النعم وتحولها.
* * * ملاحظتان 3 1 - أسباب حياة الشعوب وموتها يعرض التأريخ لنا شعوبا وأمما كثيرة، فطائفة اجتازت سلم الرقي بسرعة، ووصلت طائفة ثانية إلى أسفل مراحل الإنحطاط، وطائفة ثالثة عاشت يوما في تشتت وضياع وتناحر وتفرقة، ثم قويت في يوم آخر، وطائفة رابعة على العكس منها إذ سقطت من أعلى مراتب الفخر إلى قعر وديان الذلة والضياع.
والكثير من الناس يمرون مرور الكرام على حوادث التأريخ المختلفة دون أي تفكر فيها، والكثير منهم بدلا من البحث في العلل أو الأسباب الواقعية لحياة الشعوب وموتها يرجعون ذلك إلى أسباب وهمية وخيالية.
ويرجعوها آخرون إلى حركة الأفلاك ودورانها إيجابا وسلبا.
وأخيرا فإن بعضهم لجأ إلى مسألة القضاء والقدر بمفهومها المحرف، أو إلى