تقول: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله.
كل هذا مقطوع به من حيث التاريخ، إلا أنه - كما قلنا من قبل - فإن جملة وأولو الأرحام الواردة في الآيات محل البحث لا تختص بمسألة الإرث، بل هي ذات معنى واسع، والإرث جزء منه.
3 4 - ما المراد من الفتنة والفساد الكبير احتمل المفسرون في تفسير هاتين الكلمتين الواردتين في الآيات محل البحث احتمالات كثيرة، إلا أن ما ينسجم أكثر مع مفهوم هذه الآية هو أن المراد من " الفتنة " هو الاختلاف والتفرق وتزلزل مباني العقيدة الإسلامية على أثر وسوسة الأعداء، و " الفساد " يشمل كل إخلال وتخريب للنظم الاجتماعية المختلفة وخاصة سفك الدماء البريئة والارهاب وأمثال ذلك.
وفي الحقيقة فإن القرآن المجيد ينذر المسلمين إذا لم يحكموا علائق الأخوة والتعاون فيها بينهم، ولم يقطعوا ارتباطهم بالعدو، فإن جماعتهم تزداد تشتتا يوما بعد يوم، وبنفوذ الأعداء داخل المجتمع الإسلامي ووساوس إغواءاتهم تزلزل أسس الإيمان وقواعده، ويبتلى المسلمون عن هذا الطريق بفتنة عظيمة.
وكذلك إذا لم تكن علائق اجتماعية قوية، فإن العدو سرعان ما ينفذ إلى المجتمع وتحدث أنواع المفاسد من ارهاب وسفك الدماء، وتضيع الأموال واغواء الأولاد، ويبدو الضعف والنقص واضحا في المجتمع، ويعم الفساد الكبير كل مكان.
ربنا، أيقظ مجتمعنا الإسلامي بلطفك. ونبهنا إلى أخطار التعاون مع الأعداء وتكوين العلاقة وإياهم. ونزه مجتمعنا من الفتنة والفساد الكبير بنور المعرفة ووحدة الكلمة، برحمتك يا أرحم الراحمين.
* * *