الرقي والتكامل، إلا أنهم نتيجة لاتباعهم هواهم ورغبتهم - بكل هذه التوافه من الأمور تركوا هذه الاستعدادات جانبا... وكان شقاؤهم كبيرا لهذا السبب:
أولئك هم الغافلون.
فالمعين الذي يحييهم ويروي ظمأهم موجود إلى جانبهم وهم على مقربة منه، إلا أنهم يتصارخون من الظمأ. وأبواب السعادة مفتحة أمامهم لكنهم لا يلتفتون إليها.
ويتضح مما ذكرناه أنفا أنهم اختاروا بأنفسهم سبل شقائهم وهدروا النعم الكبرى " العقل والعين والأذن... " لا أن الله أجبرهم على أن يكونوا من أهل النار.
3 لماذا هم كالأنعام؟
لقد شبه القرآن الكريم الجاهلين الغافلين عديمي الشعور بالأنعام والبهائم مرارا، إلا أن تشبيه القرآن هؤلاء بالأنعام لعله بسبب انهماكهم باللذائذ والشهوات الجنسية والنوم فحسب، فهم كالأمم التي تحلم في الوصول إلى حياة مادية مرفهة تحت شعارات براقة تخدع الإنسان بأن آخر هدف للعدالة الاجتماعية والقوانين البشرية هو الحصول على الخبز والماء...
وكما يشبهها الإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة قائلا: " كالبهيمة المربوطة همها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها " (1).
وبتعبير آخر: إن جماعة منهم تنعم بالرفاه كالأغنام المربوطة التي تدجن لتسمن، وجماعة آخرين كالغنم السائمة الباحثة عن العلف والماء في الصحراء، إلا أن هدف كل منهما هو ما يشبع البطن ليس إلا!.
وهذا الذي ذكرناه أنفا قد يصدق على شخص معين كما قد يصدق أمة كاملة