ولهذا يعمد القرآن الكريم فورا وبعد ذكر هذا الحكم الإسلامي - كما أسلفنا - إلى تحذير المسلمين من الإسراف والإفراط والمبالغة في الاستفادة من هذه الأمور، ففي أكثر من عشرين موضعا من القرآن الكريم يشير إلى مسألة الإسراف ويذمه بشدة (وقد تحدثنا بإسهاب حول الإسراف في تفسير الآيات المناسبة).
وعلى كل حال، فإن أسلوب القرآن الكريم والإسلام في هذا الصعيد أسلوب يتسم بالتوازن والاعتدال، فلا جمود فيه يقمع الرغبات المودعة في الروح الإنسانية إلى الجمال، ولا هو يؤيد مسلك المسرفين المتطرفين وذوي البطنة والجشع في التمتع بالزينة والجمال.
بل هو ينهي حتى عن التزين والتجمل المعتدل في المجتمعات التي يعيش فيها محرومين مساكين، ولهذا نلاحظ في بعض الروايات والأحاديث أنه عندما يسأل أحد الأئمة: لماذا يلبس ثيابا فاخرة، وقد كان جده لا يلبس مثل هذه الثياب؟ فيجيب الإمام (عليه السلام) قائلا: " إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان في زمان ضيق، فإذا اتسع الزمان فأبرار الزمان أولى به " (1).
3 توصية صحية هامة:
إن عبارة كلوا واشربوا ولا تسرفوا التي جاءت في الآية الحاضرة، وإن كانت تبدو للنظر أمرا بسيطا جدا، إلا أنه ثبت اليوم أنه واحد من أهم الأوامر والتعاليم الصحية، وذلك لأن تحقيقات العلماء توصلت إلى أن منبع الكثير من الأمراض والآلام هو الأطعمة الإضافية الزائدة التي تبقي في بدن الإنسان إن هذه المواد الإضافية تشكل من جانب عبئا ثقيلا على القلب وغيره من أجهزة الجسم، وهي من جانب آخر منبع مهيأ لمختلف أنواع العفونات والأمراض، ولهذا فإن