2 التفسير 3 التهم والأباطيل:
في الآية الأولى من الآيات - محل البحث - يرد الله سبحانه على كلام المشركين الذي لا أساس له بزعمهم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد جن، فيقول سبحانه: أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة. (1) وهذا التعبير يشير إلى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن شخصا مجهولا بينهم، وتعبيرهم ب " الصاحب " يعني المحب والمسامر والصديق وما إلى ذلك. وكان النبي معهم أكثر من أربعين عاما يرون ذهابه وإيابه وتفكيره وتدبيره دائما وآثار النبوغ كانت بادية عليه، فمثل هذا الإنسان الذي كان يعد من أبرز الوجوه والعقلاء قبل الدعوة إلى الله، كيف تلصق به مثل هذه التهمة بهذه السرعة؟! أما كان الأفضل أن يتفكروا - بدلا من إلصاق التهم به - أن يكون صادقا في دعواه وهو مرسل من قبل الله سبحانه؟! كما عقب القرآن الكريم وبين ذلك بعد قوله أو لم يتفكروا؟
فقال: إن هو إلا نذير مبين......
وفي الآية التالية - استكمالا للموضوع آنف الذكر - دعاهم القرآن إلى النظر في عالم الملكوت، عالم السماوات والأرض، إذ تقول الآية: أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ.
ليعلموا أن هذا العالم الواسع، عالم الخلق، عالم السماوات والأرض، بنظامه الدقيق المحير المذهل لم يخلق عبثا، وإنما هناك هدف وراء خلقه. ودعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحقيقة، هي من أجل ذلك الهدف، وهو تكامل الإنسان وتربيته وارتقاؤه.
و " الملكوت " في الأصل مأخوذ من " الملك " ويعني الحكومة والمالكية،