الوثنيين القبيحة، وكذا لإعطاء درس عملي للجميع حتى يفكروا ويروا إذا كان موسى وأخوه - وهما لم يقترفا انحرافا - يطلبان من الله العفو والمغفرة هكذا، فالأجدر بالآخرين أن ينتبهوا ويحاسبوا أنفسهم، ويتوجهوا إلى الله ويسألوه العفو والمغفرة لذنوبهم. وقد فعل بنو إسرائيل هذا فعلا - كما تفيد الآيتان السابقتان.
3 مقاربة بين تواريخ القرآن والتوراة الحاضرة:
يستفاد من الآيات الحاضرة، وآيات سورة طه أن بني إسرائيل هم الذين صنعوا العجل لا هارون، وأن شخصا خاصا في بني إسرائيل يدعى السامري هو الذي أقدم على مثل هذا العمل، ولكن هارون - أخا موسى ووزيره ومساعده - لم يكن يتفرج على هذا الأمر بل عارضه، ولم يأل جهدا في هذا السبيل، حتى أنهم كادوا أن يقتلوه لمعارضته لهم.
ولكن العجيب أن التوراة الفعلية تنسب صنع العجل والدعوة إلى عبادته إلى هارون خليفة موسى (عليه السلام) ووزيره وأخيه، إذ نقرأ في الفصل 32 من سفر الخروج من التوراة، ما يلي:
" لما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل، اجتمع الشعب على هارون وقالوا له: قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا. لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه. فقال لهم هارون: انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها، فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون، فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالإزميل وصنعه عجلا مسبوكا، فقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر.
فلما نظر هارون بنى مذبحا أمامه ونادى هارون وقال: غدا عيد للرب (ثم بين مراسيم تقديم القرابين لهذا العمل ".