3 3 - ما هو المراد من تجلي الله؟
لقد وقع كلام كثير بين المفسرين في هذا الصعيد، ولكن ما يبدو للنظر من مجموع الآيات أن الله أظهر إشعاعة من أحد مخلوقاته على الجبل (وتجلي آثاره بمنزلة تجليه نفسه) ولكن ماذا كان ذلك المخلوق؟ هل كان إحدى الآيات الإلهية العظمية التي بقيت مجهولة لنا إلى الآن، أو أنه نموذج من قوة الذرة العظيمة، أو الأمواج الغامضة العظيمة التأثير والدفع، أو الصاعقة العظيمة الموحشة التي ضربت الجبل وأوجدت برقا خاطفا للأبصار وصوتا مهيبا رهيبا وقوة عظيمة جدا، بحيث حطمت الجبل ودكته دكا (1)؟!
وكأن الله تعالى أراد أن يرى - بهذا العمل - شيئين لموسى (عليه السلام) وبني إسرائيل:
الأول: أنهم غير قادرين على رؤية ظاهرة جد صغيرة من الظواهر الكونية العظيمة، ومع ذلك كيف يطلبون رؤية الله الخالق.
الثاني: كما أن هذه الآية الإلهية العظيمة مع أنها مخلوق من المخلوقات لا أكثر، ليست قابله للرؤية بذاتها، بل المرئي هو آثارها، أي الرجة العظيمة، والمسموع هو صوتها المهيب. أما أصل هذه الأشياء أي تلك الأمواج الغامصة أو القوة العظيمة فلا هي ترى بالعين، ولا هي قابلة للإدراك بواسطة الحواس الأخرى، ومع ذلك هل يستطيع أحد أن يشك في وجود مثل هذه الآية، ويقول:
حيث أننا لا نرى ذاتها، بل ندرك فقط آثارها فلا يمكن أن نؤمن بها.
فإذا يصح الحكم هذا حول مخلوق من المخلوقات، فكيف يصح أن يقال عن الله تعالى: بما أنه غير قابل للرؤية، إذن لا يمكننا الإيمان به، مع أنه ملأت