بعض الإشكالات والاعتراضات واهية جدا إلى درجة لا تصلح للطرح على بساط المناقشة، بل لا يملك المرء عند السماع بها إلا أن يتأسف على حال البعض كيف صدتهم الأحكام المسبقة غير المدروسة عن قبول الحقائق الواضحة؟
أما البعض الآخر من الإشكالات القابلة للمناقشة والدراسة فنطرحها على بساط البحث تكميلا لهذه الدراسة:
الإشكال الأول: إن هذا الحديث يبين - فقط - حكما خاصا محدودا، لأنه ورد في غزوة تبوك، وذلك عندما انزعج علي (عليه السلام) من استبقائه في المدينة بين النساء والصبيان، فسلاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه العبارة:
وعلى هذا الأساس كان المقصود هو: إنك وحدك الحاكم والقائد لهذه النسوة والصبيان دون غيرك.
وقد اتضح الجواب على هذا الإشكال من الأبحاث السابقة - بجلاء - وتبين أنه - على خلاف تصور المعترضين - لم يرد هذا الحديث في واقعة واحدة، ولم يصدر في واقعة تبوك فقط، بل صدر في موارد عديدة على أساس كونه يتكفل حكما كليا، وقد أشرنا إلى سبعة موارد ومواضع منها مع ذكر أسانيدها من مؤلفات علماء أهل السنة.
هذا مضافا إلى أن بقاء علي (عليه السلام) في المدينة لم يكن أمرا بسيطا يهدف المحافظة على النساء والصبيان فقط، بل لو كان الهدف هو هذا، لتيسر للآخرين القيام به، وإن النبي لم يكن ليترك بطل جيشه البارز في المدينة لهدف صغير، وهو يتوجه إلى قتال إمبراطورية كبرى (هي إمبراطورية الروم الشرقية).
إن من الواضح أن الهدف كان هو منع أعداء الرسالة الكثيرين الساكنين في أطراف المدينة والمنافقين القاطنين في نفس المدينة، الذين كانوا يفكرون في استغلال غيبة النبي الطويلة لاجتياح المدينة قاعدة الإسلام، ولهذا عمد رسول