حرية الإرادة، فجملة (أخلد إلى الأرض) تعني اللصوق الدائم بالأرض، وهي كناية عن عالم المادة وبهارجها، واللذائذ غير المشروعة للحياة المادية.
ثم تشبه الآية هذا الفرد بالكلب الذي يخرج لسانه لاهثا دائما كالحيوانات العطاشى فتقول فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث.
فهو لفرط اتباعه الهوى وتعلقه بعالم المادة انتابته حالة من التعطش الشديد غير المحدود وراء لذائذ الدنيا، وكل ذلك لم يكن لحاجة، بل لحالة مرضية، فهو كالكلب المسعور الذي يظهر بحالة عطش كاذب لا يمكن إرواؤها وهي حالة عبيد الذين لا يهمهم غير جمع المال واكتناز الثروة فلا يحسون معه بشبع أبدا.
ثم تضيف الآية: إن هذا المثال الخاص لا يتعلق بفرد معين، بل: ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون.
3 العالم المنحرف " بلعم بن باعوراء ":
كما لاحظنا أن الآيات السالفة لم تذكر اسم أحد بعينه، بل تحدثت عن عالم كان يسير في طريق الحق ابتداء وبشكل لا يفكر معه أحد بأنه سينحرف يوما، إلا أنه نتيجة لإتباعه لهوى النفس وبهارج الدنيا انتهى إلى السقوط في جماعة الضالين وأتباع الشياطين.
غير أننا نستفيد من أغلب الروايات وأحاديث المفسرين أن هذا الشخص يسمى (بعلم بن باعوراء) الذي عاصر النبي موسى (عليه السلام) وكان من مشاهير علماء بني إسرائيل، حتى أن موسى (عليه السلام) كان يعول عليه على أنه داعية مقتدر، وبلغ أمره أن دعاءه كان مستجابا لدى الباري جل وعلا، لكنه مال نحو فرعون وإغراءاته فانحرف عن الصواب، وفقد مناصبه المعنوية تلك حتى صار بعدئذ في جبهة