ومما يسترعي النظر أن الجملة آنفة الذكر جاء فيها لفظ " شئ " وهي ذات مفهوم واسع، أي لا يخفى على الله ما تبذلونه من جميع الأشياء، مالا كان أو نفسا أو فكرا أو منطقا أو قوة أو أي مال آخر ينفق في تقوية بنية المسلمين الدفاعية والعسكرية، فإن الله سيدخره ويعيده إليكم في حينه.
وقد احتمل بعض المفسرين أن جملة " وأنتم لا تظلمون " معطوفة على جملة " ترهبون " أي أنكم إذا ما أعددتم القوة اللازمة لمواجهة الأعداء فسيخافون أن يهجموا عليكم، ولن يقدروا على ظلمكم وإيذائكم، وبناء على ذلك فلن يصيبكم ظلم أبدا.
3 أهداف الجهاد في الإسلام وأركانه:
واللطيفة الأخرى التي تستفاد من هذه الآية، وتكون جوابا على كثير من أسئلة الجهلاء وإشكالاتهم، هي بيان شكل الجهاد وهدفه ومنهجه، فالآية تقول بوضوح: إن الهدف منه ليس قتل الناس أو الاعتداء على حقوق الآخرين، بل الهدف - كما ذكرنا - هو إرهابكم الأعداء لكيلا يعتدوا عليكم وليخافوكم، فينبغي أن تكون جميع جهودكم وسعيكم منصبا في سبيل قطع شر أعداء الله والحق والعدل.
فهل يملك الجهلة في أذهانهم مثل هذا التصور عن الجهاد في القرآن الكريم، وما صرح به في هذه الآية - محل البحث - ليسوغ لهم أن يحملوا كل هذه الحملات المسعورة المتتالية على هذا القانون الإسلامي. فتارة يدعون بأن الإسلام هو دين السيف، وتارة يقولون بأن الإسلام يفرض على الناس أفكاره بالحديد، ويقيسون النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بسائر محتلي البلدان في التاريخ.
وفي عقيدتنا أن جواب كل هؤلاء هو أن يعودوا إلى القرآن، ويفكروا في الهدف الأصيل لهذا الموضوع، لتتضح لهم كل تلك الأمور.