والمعاونة لموسى، وكذا مقام الشركة في أمر القيادة (تحت إشراف موسى) كما أنه كان نبيا، تثبت جميع هذه المنازل لعلي (عليه السلام) إلا النبوة، حتى بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بشهادة عبارة (إلا أنه لا نبي بعدي).
الإشكال الثالث: إن الاستدلال بهذا الحديث يستلزم أنه كان لعلي (عليه السلام) منصب الولاية والقيادة حتى في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حين لا يمكن أن يكون هناك إمامان وقائدان في عصر واحد.
ولكن مع الالتفات إلى النقطة التالية يتضح الجواب على هذا الإشكال أيضا، وهي أن هارون كان له - من دون شك - مقام قيادة بني إسرائيل حتى في عصر موسى (عليه السلام)، ولكن لا بقيادة مستقلة، بل كان قائدا يقوم بممارسة وظائفه تحت إشراف موسى. وقد كان علي (عليه السلام) في زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معاونا للنبي في قيادة الأمة أيضا، وعلى هذا الأساس يصير قائدا مستقلا بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وعلى كل حال، فإن حديث المنزلة الذي هو من حيث الأسانيد من أقوى الأحاديث والروايات الإسلامية التي وردت في مؤلفات جميع الفرق الإسلامية بلا استثناء، إن هذا الحديث يوضح لأهل الإنصاف من حيث الدلالة أفضلية علي (عليه السلام) على الأمة جمعاء، وأيضا خلافته المباشرة (وبلا فصل) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولكن مع العجب العجاب أن البعض لم يكتف برفض دلالة الحديث على الخلافة، بل قال: إنه لا يتضمن ولا يثبت أدنى فضيلة لعلي (عليه السلام).. وهذا حقا أمر محير.
* * *