وفي الآية المطروحة هنا طرحت هذه الحقيقة على بساط البحث، وهي: أن العقوبات ما هي إلا لأفعالهم هم، وإلا فلو كان الإنسان طاهرا مؤمنا، فإنه بدل أن يحل العذاب السماوي أو الأرضي بساحته، تتواتر عليه البركات الإلهية من السماء والأرض.... أجل، إن الإنسان هو الذي يبدل البركات بالبلايا.
3 2 - معنى " البركات " " البركات " جمع " بركة " وهذه الكلمة - كما أسلفنا - تعني في الأصل " الثبات " والاستقرار، ويطلق على كل نعمة وموهبة تبقى ولا تزول، في مقابل الموجودات العارية عن البركة، والسريعة الفناء والزوال، والخالية عن الأثر.
والملفت للنظر أن فائدة التقوى والإيمان لا تقتصر على نزول البركات الإلهية، بل هما سبب في أن يصرف الإنسان ما لديه في المصارف اللازمة الصحيحة.
ففي المثل نلاحظ اليوم أن قسما كبيرا من الطاقات الإنسانية، والمصادر الاقتصادية تصرف في سبيل سباق التسلح وصنع الأسلحة المدمرة. وبذلك تنعدم البركة فيها، ولا تثمر سوى الدمار والخراب، ولكن المجتمعات البشرية إذا تحلت بالتقوى والإيمان، فإن هذه المواهب الإلهية سيكون لها وضع آخر، ومن الطبيعي أن تبقى آثارها وتخلد، وتكون مصداقا لكلمة البركات.
3 3 - ماذا يعني " الأخذ "؟
في الآية أعلاه استعملت كلمة " أخذ " في مفهوم المجازاة والعقوبة، وهذا في الحقيقة لأجل أن الشخص الذي يراد عقوبته يؤخذ أولا في العادة، ثم يوثق بوسائل خاصة حتى لا تبقى له قدرة على الفرار، ثم يعاقب.