ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم، وما كنتم تستكبرون.
ومرة أخرى يقولون موبخين ومعاتبين، وهم يشيرون إلى جمع من ضعفاء المؤمنين المستقرين فوق الأعراف: أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة.
وفي المآل تشمل الرحمة الإلهية هذه الطائفة من ضعفاء المؤمنين، ويقال لهم ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون.
من كل ما قلنا اتضح أن المراد من ضعفاء المؤمنين هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ولكنهم بسبب تورطهم في بعض الذنوب كانوا موضع ازدراء من قبل أعداء الحق في الدنيا، وكانوا يركزون على هؤلاء ويقولون: كيف يمكن لمثل هؤلاء أن تشملهم الرحمة الإلهية؟ وكيف يمكن لمثل هؤلاء أن يسعدوا؟ ولكن روح الإيمان والحسنات التي كانت عندهم فعلت فعلتها - في المآل - وفي ظل اللطف الرباني والرحمة الإلهية، فسعدوا ودخلوا الجنة.
3 من هم أصحاب الأعراب:
" الأعراف " في الأصل - وكما أسلفنا - منطقة مرتفعة، ويتضح في ضوء القرائن التي وردت في آيات القرآن وأحاديث أئمة الإسلام، أنه مكان خاص بين قطبي السعادة والشقاء، أي الجنة والنار. وهو كحجاب حائل بين هذين، أو كأرض مرتفعة فصلت بين هذين الموضعين بحيث يشرف من يقف عليها على الجنة والنار، ويشاهد كلا الفريقين، ويعرفهم بوجوههم المبيضة أو المسودة، المشرقة أو المظلمة المكفهرة.
والآن لنرى من هم الواقفون على الأعراف؟ ومن هم أصحاب الأعراف؟
إن دراسة الآيات الأربع المبحوثة هنا تفيد أنه ذكر لهؤلاء الأشخاص نوعين متناقضين مختلفين من الصفات.