ومما يثير النظر ويسترعيه أن الآية هنا جمعت التعبير ب " عدو الله " و " عدوكم " وذلك إشارة إلى عدم وجود منافع وأغراض شخصية في الجهاد والدفاع عن الإسلام، بل الهدف هو حفظ رسالة الإسلام الإنسانية، فالذين يعادونكم إنما هم أعداء الله وأعداء الحق والعدل والإيمان والتوحيد والأخلاق الإنسانية، فينبغي الرد عليهم انطلاقا من هذا المجال.
وفي الحقيقة إن هذا التعبير شبيه بالتعبير " في سبيل الله " أو " الجهاد في سبيل الله " الذي يدل على أن الجهاد أو الدفاع الإسلامي لا يشبه فتح البلدان في ما مضى من التأريخ، ولا غزو الاستعمار التوسعي اليوم، ولا في صورة اغارات القبائل العربية في زمن الجاهلية، بل كل ذلك من أجل الله وفي سبيل الله، وفي مسير إحياء الحق والعدل.
ثم تضيف الآية بأن المزيد من استعداداتكم العسكرية يخيف أعداء آخرين لا تعرفونهم فتقول: وآخرين من دونهم لا تعلمونهم.
* * * ملاحظتان 3 1 - من هم المقصودون في الآية " الذين لا تعلمونهم " بالرغم من أن المفسرين احتملوا في هذه الطائفة الذين لا تعلمونهم إحتمالات كثيرة، فقال بعضهم: إنهم يهود المدينة الذين كانوا يضمرون عداءهم، وقال آخرون: إنها إشارة إلى الأعداء مستقبلا، كدولة الروم والفرس اللتين لم يحتمل المسلمون يومئذ أنهم سيكونون في حرب معهما أو يقع القتال بينهما وبينهم.
إلا أن الأصح - كما نراه - هو أن المراد منها هم المنافقون الذين دخلوا في صفوف المسلمين دون أن يعلموهم، فإذا قوي جيش الإسلام فإن أولئك سيقعون