3 هل أن أخذ " الفداء " أمر منطقي عادل؟!
قد ينقدح هنا سؤال مهم وهو: كيف ينسجم الفداء قبال إطلاق سراح الأسير وأصول العدالة؟ أوليس هذا نوعا من بيع الإنسان؟
والجواب على هذا السؤال يتجلى واضحا حين نعرف أن الفداء هو نوع من الضرائب العسكرية، أو الغرامة الحربية، إذ أن كل حرب سبب في إهدار كثير من الطاقات الاقتصادية والقوى الإنسانية، فالجماعة التي تقاتل من أجل الحق يحق لها أن تعوض عن خسائرها بعد الحرب، وأحد طرق التعويض هو " الفداء ". ومع ملاحظة أن الفداء كان يومئذ يتراوح بين أربعة آلاف درهم عن الأسير الغني، وألف درهم عن الأسير الفقير، يتضح أن الأموال التي أخذت من قريش في هذا الصدد لم تكن كثيرة، بل لم تكن كافية لسد خسائر المسلمين المالية والإنسانية في تلك المعركة!
ثم بعد هذا كله، فقد ترك المسلمون أموالا كثيرة - في مكة - عند هجرتهم اضطرارا إلى المدينة، فكانت هذه الأموال عند أعدائهم من قريش، وكان للمسلمين الحق أن يعوضوا عن خسائرهم وأموالهم في يوم بدر بالفداء.
كما ينبغي الالتفات إلى هذه اللطيفة التي أشارت إليها الآية 4 من سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي أن مسألة الفداء ليست إلزامية، فللحكومة الإسلامية أن تبادل الأسرى متى ما رأت في ذلك مصلحة، أو أن تمن عليهم فتطلق سراحهم دون تعويض.
والمسألة المهمة الأخرى في شأن أسرى الحرب هي موضوع إصلاحهم وتربيتهم وهدايتهم، ولعل هذا الأمر غير موجود في المذاهب المادية، لكنه مثار عناية واهتمام أكيد في الجهاد من أجل تحرير الإنسان وإصلاحه وتعميم الحق والعدل.