كل مؤمن، ولا يكترثون بكل شئ ولا يرعون حرمة ولا عهدا، فهم في الحقيقة أعداء الإيمان والحق، وهم مصداق ما ذكره القرآن في شأن أقوام سابقين أيضا حيث يقول: وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد (1).
* * * 2 ملاحظتان 3 1 - من هم المستثنون في هذه الآية؟
جرى الكلام بين المفسرين في الطائفة المستثناة من الحكم: إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فمن هؤلاء المستثنون في هذه الآية؟!
إلا أنه بملاحظة الآيات السابقة، يظهر أن المراد من هذه الجملة هم أولئك الذين بقوا على عهدهم ووفائهم، أي القبائل التي هي من بني ضمرة وبني كنانة وبني خزيمة وأضرابهم.
وفي الحقيقة فإن هذه الجملة بمنزلة التأكيد للآيات السابقة، فإن على المسلمين أن يكونوا حذرين واعين، وأن يعرفوا هؤلاء الأوفياء بالعهد ويميزوهم عن سواهم الناكثين للعهد.
وما قوله تعالى: عاهدتم عند المسجد الحرام فلعل هذا التعبير يشير إلى ما كان من معاهدة بين المسلمين والمشركين في السنة السادسة للهجرة، عند صلح الحديبية على بعد خمسة عشر ميلا عن مكة، فقد التحق جماعة آخرون من مشركي العرب كالقبائل المشار إليها آنفا بهذه المعاهدة حيث عاهدوا المسلمين عن ترك الخصام، إلا أن مشركي قريش نقضوا عهدهم، ثم أسلموا في السنة الثامنة عند فتح مكة. أما الجماعة التي التحقت حينئذ من المشركين بمن عاهد المسلمين، فلم يسلموا ولم ينقضوا عهدهم.