المجتمعات ونلاحظ الآلام الممضة التي تحطم روح هذه الشعوب وجسمها عن كثب، فسوف نسلم أن أكثر تلك الشعوب هي من أشقى سكان الأرض.
هذا بغض النظر عن أن هذا التقدم النسبي إنما هو نتيجة استخدامهم لأصول ومبادئ مثل السعي والاجتهاد، والنظم والشعور بالمسؤولية التي هي جزء من تعاليم الأنبياء، ومن صلب توجيهاتهم.
في هذه الأيام - التي نكتب فيها هذا القسم من التفسير - نشرت الجرائد والصحف أنه حدث في نيويورك - التي هي واحدة من أكبر نقاط العالم المادي ثروة وأكثرها تقدما - حادث جد عجيب على أثر انقطاع فجائي للتيار الكهربائي، وذلك الحادث هو أن كثيرا من الناس هاجموا المحلات والمخازن وسرقوا كل ما فيها بحيث أن ثلاثة آلاف من المغيرين على المحلات اعتقلوا بواسطة البوليس.
إن من المسلم أن عدد المغيرين - في الواقع - أكثر بأضعاف من هذا العدد، وهذا العدد هم الذين لم يمكنهم الفرار والهرب والنجاة من قبضة البوليس، كما أنه من المسلم أن المغيرين لم يكونوا سراقا محترفين هيأوا أنفسهم من قبل لمثل هذه الإغارة العمومية، لأن الحادثة المذكورة كانت حادثة فجائية.
من هذا نستنتج أنه مع حالة انقطاع عابر للتيار الكهربائي يتحول عشرات الآلاف من سكان مدينة ثرية ومتقدمة - كما يشاؤون تسميتها - إلى لصوص وسراق، إن هذا لا يدل على الإنحطاط الخلقي لدى شعب من الشعوب فحسب، بل يدل على فقدان الأمن الاجتماعي الشديد أيضا.
والخبر الآخر الذي نقلته الصحف، ويكمل - في الحقيقة - هذا الخبر، وهو أن أحد الشخصيات المعروفة كان يقيم في تلك الأيام في نيويورك، في أحد الفنادق الشهيرة ذات العشرات من الطوابق، قال: إن انقطاع التيار الكهربائي تسبب في أن يمسي التجول في معابر وصالات ذلك الفندق عملا بالغ الخطورة، بحيث أن