ثم يضيف شعيب قائلا: وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله.
ومراد شعيب من هذا الكلام هو أننا تابعون لأمر الله، ولا نعصيه قيد شعرة، فعودتنا غير ممكنة إلا إذا أمر الله بذلك.
ثم من دون إبطاء يضيف: إن الله يأمر بمثل هذا، لأن الله يعلم بكل شئ ويحط علما بجميع الأمور وسع ربنا كل شئ علما وعلى هذا الأساس ليس من الممكن أن يعود عن أمر أعطاه، لأنه لا يعود ولا يرجع عن أمر أعطاه إلا من كان علمه محدودا، واشتبه ثم ندم على أمره، أما الذي يعلم بكل شئ ويحيط بجميع الأمور علما فيستحيل أن يعيد النظر.
ثم لأجل أن يفهمهم بأنه لا يخاف تهديداتهم، وأنه ثابت في موقفه، قال:
على الله توكلنا.
وأخيرا لأجل أن يثبت حسن نيته، ويظهر رغبته في طلب الحقيقة والسلام، حتى لا يتهمه أعداؤه بالشغب والفوضوية والإخلال بالأمن يقول: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.
أي: يا رب أنت أحكم بيننا وبين هؤلاء بالحق، وارفع المشاكل التي بيننا وبين هؤلاء، وافتح علينا أبواب رحمتك، فأنت خير الفاتحين.
وقد روي عن ابن عباس أنه قال: ما كنت أعرف ماذا يعني الفتح في الآية حتى سمعت امرأة تقول لزوجها: أفاتحك عند القاضي، يعني أطلبك عند القاضي للفصل بيننا، فعرفت معنى الفتح في مثل هذه الموارد، وأنه بمعنى القضاء والحكم (لأن القاضي يفتح العقدة في مشكلة الطرفين) (1).
* * *