عبادته تعالى، مع اعتقادهم بالتوحيد الذاتي والصفاتي، فإذا ورد: " قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " فهو يشهد على أن " الله " قد استثني من مفهوم الإله، فيكون الاستثناء متصلا لا منقطعا. وهذا دليل على أن في مفهوم كلمة " الله " اخذت فيه العبودية، لعدم سبق عبادتهم لذاته تعالى قبل الإسلام، فيعلم منه أن الموضوع له كلي لا ينطبق إلا عليه تعالى.
مع أنه لو فرضنا وجودا يماثل وجوده تعالى صفة وخصوصية، يصح أن يطلق عليه كلمة " الله ".
ومع أن من يقول في تخيله الباطل: " الله معدوم " لا يكون غالطا في الكلام ومجازا في الإسناد، بل تكون قضية كاذبة، كما إذا قال: زيد معدوم، مع أنه موجود، فإنه قضية كاذبة، لا قضية غلط أو مجاز.
ومع أن إسراء الوضع إلى الحقيقة المجهولة من جميع الجهات - بحيث يكون هو الموضوع له - غير ممكن، أو يحتاج إلى مؤونة زائدة ولحاظ خاص، وإلا فالوضع نوعا يحصل من كثرة الاستعمالات، والاستعمالات الرائجة تكون في المعاني الكلية، لأن الأغراض تتعلق بها.
ولكن - بعد اللتيا والتي - إن الأعلام الشخصية تثنى وتجمع ويتسم بها غير واحد، والألفاظ الموضوعة للواحد الذي لا مصداق كثير لها تجمع كالأرض والشمس باعتبار القطعات مثلا، وكلمة " الله " لها خصوصية أخرى غير سائر الخصوصيات، وهي أنها موضوعة لما لا يقبل التكرر والتعدد، ولا يتسم بها غيره تعالى وتقدس.
والذي هو المهم من الأدلة في المسألة: أن مفهوم الموجودية لا يؤخذ من مفهوم كلمة " الله "، ولو كانت هي العلم لحقيقة الوجود التي هي نفس