ثم إن أصل احتياج الجار والمجرور - لكونه جملة ناقصة لا يصح السكوت عليها - إلى متعلق مذكور أو محذوف، متقدم أو متأخر، فعل أو مشتق اسمي، مما لابد منه ولا محيص عنه.
فأما إذا كان مذكورا فلا يختلف فيه اثنان، وإذا كان محذوفا، ربما تبلغ الأقوال إلى عشرين أو أكثر ولك أن تعد هذه الأقوال، احتمالات المسألة، ولا معنى لتعيين المحذوف معينا بعد إمكان كونه كثيرا، حسب اختلاف موارد الاستعمال ومقاصد الكلام مع القرائن المختلفة، ومع ذلك لا بأس بالإشارة الإجمالية إلى اختلاف الأفاضل والمفسرين:
فعن الفراء: " ابدأ بسم الله " بالأمر. وعن الزجاج: " ابتدأت بسم الله "، فتكون الجملة في موضع نصب. وعن آخر: " ابتدائي بسم الله "، فيكون في موضع رفع. وعن رابع: " ابتدائي مستقر وثابت بسم الله "، فيكون في موضع النصب، ونسب ذلك إلى نحاة أهل البصرة. وعن خامس منهم: " ابتدائي بسم الله موجود وثابت "، فيكون في موضع النصب بالمصدر وهو ابتدائي (1). وعن سادس: " ابدأ أو اقرأ أو شبهه، أو قولوا بسم الله " هكذا في " التبيان " (2).
وقيل: لا يجوز تقدير جملة ابتدائي، لصيرورة الباء للصلة، فيحتاج إلى الخبر، هكذا في " المجمع " (3) وفيه: أن ذلك تابع لقصد المتكلم.
وقيل: إن المحذوف جملة - فعلية كانت أو اسمية - تكون متأخرة،