حتى حكي عن رسولنا الأعظم أنه قال: " ما أوذي نبي مثل ما أوذيت " (1)، وما كان ذلك كله إلا صيانة لك عن تبعات الأعمال الرذيلة في البرازخ والقيامة، فهم أطباء النفوس، مبعوثون لهداية البشر وتربيته وإخراجه من النقص إلى الكمال، فإذا كنت من أهل البصيرة والفكر، وتوجهت إلى هذه الجهات والنواحي والفواحي، فهل لا يحصل في نفسك لهذا الوجود العظيم ولهذا الكريم الكريم، الرحمن الرحيم، حب وشوق وعشق؟! فإذا لم تكن كذلك فالموت لك خير، ولنعم ما قال عز من قائل: * (بل هم أضل سبيلا) * (2).
وإذا وجدت في قلبك له عشقا وشوقا فعليك بازدياده، حتى لا يبقى في قلبك لغيره شئ، أفيحسن بالإنسان الملتفت المتوجه إلى أطراف القضايا أن تعلق نفسه بغير الرب العزيز الذي قيل في حقه: إنه تعالى يملك عبادا غيرك وأنت ليس لك رب سواه، ثم إنك تتساهل في خدمته والقيام في وظائف طاعته، كأن لك ربا بل أربابا غيره، وهو سبحانه يعتني بتربيتك حتى كأنه لا عبد له سواك، فسبحانه ما أعظم رحمته وأتم تربيته.
فعلى ما تقرر وتحرر، وإلى نصاب البرهان والشهود بلغ ووصل، فلا تماطل في القيام بما أراد منك، ولا تكن من العاصين المتمردين على أوامره ونواهيه، واجتهد في أن يصير وجودك مرهون مقاصده، ومن أهم طلباته