المادة، فلا يحتاج التقديم والتأخير إلى اللطيفة الكلامية، لأن كل ذلك يحتاج إلى المرجع، كما هو الظاهر وإن يمكن أن يقال: بأن " الرحمن " من الرحم صفة مشبهة، وهي من اللوازم الذاتية وإن لم تكن عين الذات إلا في جنابه تعالى ولذلك قدم على " الرحيم "، لكونه بمعنى الراحم صفة فعل، أو بمعنى الرقيق، وهو صفة ادعائية لا واقعية، لكونه ملازما لنواقص المادة.
وإن كانا مختلفين بحسب الهيئة في المفاد، فإما يكونان صفة مشبهة، أو صيغة مبالغة، أو الأولى صفة مشبهة والثانية صيغة مبالغة، أو الثانية بمعنى الفاعل، فإن كل ذلك صحيح ومساعد للاعتبار، إلا أن يتوهم أن الأولى صيغة مبالغة والثانية صفة الفعل.
وحيث عرفت منا: أن " الرحمن " صفة مشبهة واقعية أو ادعائية فلابد من تقدمه على الرحيم الذي هو بمعنى الفاعل محذوف المتعلق، أي: باسم الله الذي هو الرحمن الملازم رحمته لذاته، والرحيم الذي يترشح رحمته إلى غيره، ويكون بالناس وبالمؤمنين رؤوفا رحيما، كما ورد في الكتاب العزيز (1).
وقد يتوهم: أن " الرحمن " تدل على أصل الصفة، و " الرحيم " على استمرارها، أو هو على اشتدادها كيفا، و " الرحيم " على تعددها كما.
ولكنه فاسد، لأن الهيئة لم توضع إلا للمبالغة - في الكيف كان أو في الكم - أو للصفة المشبهة، وليس هذا التفصيل إلا من باب ضم الذوق