اللحاظين الآخر عند إدراكه، ولمعان وظهور البرق لأمر مغاير له منفصل عنه، كذا سناء الله ظاهر بنفسه وهويته، مظهر للحق وآية له، لا يغلب أحد اللحاظين الآخر، وهو لمعان وظهور لفعل الحق والمرتبتين المتقدمتين عليه، فكانت السابقة برقا لا يظهر بهويته للأبصار بنفسه، واللاحقة ضوءه الذي ظهر بنفسه، وأظهر البرق بظهوره، فكأنه عبد قائم بصفة العبودية المقتضي لملاحظة السابق عليه، فان عن نفسه باق بربه، وهذا السناء أرفع من جميع الإبداعات الظاهرة، فهو رفعة الحق ومظهرها، فيصح أخذه بالمعنى الثاني.
والثالث: فهو الميم المستدير الحاكي عن معنى دائرة الإمكان، ويقابل الألف من حيث إنه صفة الاستقامة المتقابلة للاستدارة، من حيث إنه آخر المخارج نزولا، فيقابل مخرج الألف وهو ملكه ومجده وعلوه على الأشياء، وهذا المعنى يقتضي ظهور الأشياء بصفة المقهورية والمملوكية، حتى يظهر الحق فيها بصفة الملكية والمالكية والعلو، فهو البرزخ الحاكي عن الواجب بهذه الصفات وعن الممكنات بتلك، والجامع لحقائق الأسماء الإضافية، وقد انضم إلى جهته التي إلى الحق، وجهته في نفسه جهته إلى الخلق، وباعتبارها ظهر أعيانها بصفاتها، فشهدت لخالقها بأضدادها، وهو مقام الربوبية الفعلية التي تقتضي وجود المربوب.
وغير خفي: أن الغرض من هذا البيان ليس حصر حقائق الأسماء في الحروف الأربعة، بل يشبه أن يكون هي أصول الحقائق أو الأولى من كل نوع من الأنواع ما عدا الألف، إذ هو الأخير من مقام الغيب وقبله الألف، المشار إليه بلام ألف لا، وقبله النقطة، ويشهد لكثرة الأسماء وتقدم